يجري الحديث في الشارع العراقي عن التغيرات المرتقبة التي تهدد النظام السياسي الحالي في العراق و خطط دولية لتغييره و ازاحته بالكامل و المجيء بنظام جديد يلبي طموحات الشعب العراقي و بناء العراق بالكامل ليكون نموذجاً لدول منطقة الشرق الأوسط و العالم العربي .
لكن لو عدنا بالذاكرة لعقدين من الزمن مضت و تذكرنا الوعود التي اطلقتها الولايات المتحدة الامريكية و حلفائها قبل عام 2003 بازاحة نظام البعث و تغيير النظام السياسي في العراق آنذاك الى نظام برلماني ديمقراطي يلبي طموحات الشعب العراقي و يحقق الرفاهية و الامن و الأمان لكل بيت عراقي و أن يكون نفط العراق و أموال العراق في خدمة الشعب العراقي ، نرى أن جميع تلك الوعود لم تحقق ، بل على العكس من ذلك تماماً ، حيث جلبت الدول المتحالفة الدمار و الخراب و القتل و السرقة الى العراق ، ومرت سنوات على الشعب العراقي هي من اصعب السنوات في تاريخه من طائفية مقيتة و سلب و نهب و تفجيرات و دخول الجماعات المتطرفة و تحويل العراق الى أسوأ بلد في العالم من جميع النواحي .
ان الحديث اليوم عن تغييرات قادمة الى العراق في عام 2024 و ان كانت حقيقية لكنها و كما علمتنا الايام لن تصب في مصلحة الشعب العراقي بل في مصالح دول أخرى لكونها تأتي بارادة خارجية و مصالح دول عظمى ، و ان كانت كذلك ( أي كأن تكون لخدمة العراق و شعبه ) فيعني ذلك "التبعية المفرطة" .
بمعنى اخر ،،، اما أن تكون دولة بناء و اعمار و امن و امان و يتمتع الشعب العراقي بالرفاهية و لكنها في النهاية دولة تابعة مطيعة لا تستطيع أن تخطوا خطوة واحدة الى بموافقة اسيادها ، أو دولة ذات سيادة حقيقة مستقلة بقرارتها و لكن عليها أن تواجه الجبروت العالمي .
التغيير القادم الذي تحدث به بعض المحللين السياسيين المقصود به نوعان من الحكم لا ثالث لهما .
أما أن تدور عقارب الساعة الى الوراء ليتم إعادة الحكم الملكي الى العراق .
أو يستمر النظام الجمهوري ، و لكن يعود نظام الرئيس الواحد و القرار الواحد .
لكن ما الذي سيجنيه المواطن العراقي في حال تغير النظام أم لم يتغير ؟
هذا المواطن الذي أبسط طموحاته هو أن يحصل على لقمة العيش له و لعائلته و سكن مناسب و مستقبل مطمئن لأولاده .
المواطن العراقي الذي يعيش في أغنى بلد في العالم و لكن خيراته لغيره !
المواطن العراقي الذي يعيش في اغنى بلد في العالم و لكنه يمتلك أسوأ جواز سفر في العالم !
المواطن العراقي الذي يعيش في اغنى بلد في العالم و لكن لديه أسوأ نظام تعليمي !
المواطن العراقي الذي يعيش في اغنى بلد في العالم و نسبة كبيرة من ابناءه يعيشون تحت خط الفقر !
المواطن العراقي الذي يعيش في اغنى بلد في العالم لكنه يمتلك أسوأ نظام صحي !
الشعب العراقي لا يعنيه أن كان التغيير من الخارج او الداخل ، و لا يهمه النظام ان كان ملكياً أو جمهورياً ، لا يفكر أن كان نظاماً عاصفاً مدمراً ، أو كان نظاماً مسالماً ، و انما يريد أن يكون نظاماً يحقق طموحاته و يحفظ كرامته و أن يتمتع بخيرات بلده التي حرم منها منذ عقود طويلة .
سوق بسماية 27/5/2023